عندما أطلقت شركة Dropbox خدمتها للتخزين السحابي في عام 2008، واجهت تحديًا كبيرًا في جذب المستخدمين في سوق مزدحم بالمنافسين. لكن بدلاً من الاعتماد على الإعلانات التقليدية باهظة الثمن، اتخذت الشركة نهجًا مبتكرًا، ألا وهو استراتيجية التسويق بتناثر الكلام (WOM) من خلال برنامج الإحالة الذكي الذي منح المستخدمين مساحة تخزين إضافية مجانية مقابل دعوة أصدقائهم، نجحت Dropbox في زيادة قاعدة مستخدميها بنسبة 3900% في غضون 15 شهرًا فقط. هذه القصة المذهلة تسلط الضوء على القوة الهائلة للتسويق بتناثر الكلام في العصر الرقمي. هنا تقدم لك شركة ميزني شرحًا وافيا عن هذه الاستراتيجية وكيفية تطبيقها
ما المقصود بالتسويق بتناثر الكلام (WOM strategy):
التسويق بتناثر الكلام (WOM) وهي اختصار لجملة “Word of Mouth” أي تناقل الكلام. وهي استراتيجية تسويقية تعتمد على تشجيع وتحفيز العملاء للتحدث عن منتج أو خدمة بشكل إيجابي مع أصدقائهم وعائلاتهم. وهي استراتيجية قديمة ورصينة قائمة بشكل الأساسي على السمعة الجيدة التي تأتي من تقديم خدمة متميزة للعميل تفوق توقعاته ليبدأ بالترويج لك من نفسه.
يُعتبر جورج سيلفرمان، مؤلف كتاب “The Secrets of Word-of-Mouth Marketing” عام 2001، من أوائل من وضعوا قواعد هذا النوع من التسويق بشكل منهجي. وفقًا لسيلفرمان، يعتمد نجاح WOM على مبدأ الثقة الاجتماعية، حيث يميل الناس إلى الثقة بتوصيات أقرانهم أكثر من الإعلانات التقليدية.
لتطبيق استراتيجيةWOM، تحتاج الشركات إلى خلق تجربة استثنائية للعملاء تستحق الحديث عنها، وتوفير الأدوات والحوافز التي تشجع على مشاركة هذه التجربة.
على سبيل المثال، استخدمت شركة Airbnb (هي منصة تتيح للأفراد تأجير واستئجار أماكن سكنية) هذه الاستراتيجية بنجاح من خلال برنامج الإحالة الخاص بها، حيث يحصل كل من المُحيل والمُحال إليه على رصيد سفر عند إتمام أول حجز. هذا البرنامج ساهم بشكل كبير في نمو الشركة العالمي.
شركة أخرى طبقت WOM بفعالية هي Tesla. بدلاً من الاعتماد على الإعلانات التقليدية، اعتمدت الشركة على جودة منتجاتها وخدمة العملاء الاستثنائية لخلق قاعدة من العملاء المتحمسين الذين يروجون للعلامة التجارية طواعية. بالإضافة إلى ذلك، قدمت Tesla برنامج إحالة يمنح كلاً من المُحيل والمُحال إليه مزايا خاصة عند شراء سيارة جديدة.
كيفية تطبيق استراتيجية التسويق بتناثر الكلام (WOM):
لتطبيق استراتيجية التسويق بتناثر الكلام بنجاح، يمكن اتباع الخطوات التالية:
- تحديد الجمهور المستهدف: قم بتحليل قاعدة عملائك الحالية لتحديد المؤثرين المحتملين الذين لديهم شبكات اجتماعية قوية ويتمتعون بمصداقية في مجالهم. إذ قامت شركة GoPro (هي علامة تجارية أمريكية متخصصة في إنتاج كاميرات شخصية عالية الوضوح) بتحديد مجموعة من الرياضيين ومحبي المغامرات كجمهور مستهدف لحملاتها التسويقية.
- خلق تجربة استثنائية: قدم منتجًا أو خدمة تتجاوز توقعات العملاء وتستحق الحديث عنها. كإحدى المطاعم أو مقدمي الوجبات السريعة المعروفين في منطقتك الذين ذاع صيتهم لتقديمهم ألذ الوجبات وأفضل خدمة.
- تسهيل المشاركة: وفر أدوات وآليات تسهل على العملاء مشاركة تجاربهم مع الآخرين. مثلما فعلت شركة Amazon حيث أضافت زر “مشاركة” بجانب كل منتج، مما يسمح للمستخدمين بمشاركة المنتجات التي يعجبهم بسهولة على وسائل التواصل الاجتماعي.
- تحفيز المشاركة: قدم حوافز للعملاء لتشجيعهم على مشاركة تجاربهم الإيجابية. مثل تطبيق Uber الذي يقدم برنامج إحالة يمنح كلاً من المُحيل والمُحال إليه رحلة مجانية.
- الاستماع والاستجابة: راقب ما يقوله العملاء عن علامتك التجارية عبر الإنترنت واستجب بسرعة وفعالية. حيث تستخدم شركة Nike فريقًا مخصصًا لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والرد على استفسارات العملاء وشكاواهم بسرعة.
- قياس النتائج: استخدم أدوات التحليل لقياس تأثير حملات WOM على المبيعات ووعي العلامة التجارية.
- التكرار والتحسين: استخدم البيانات التي جمعتها لتحسين استراتيجيتك باستمرار.
التحديات التي قد تواجهك عند التسويق بتناثر الكلام:
هناك عدة تحديات مهمة قد تواجه الشركات عند تطبيق استراتيجية التسويق بتناثر الكلام (WOM). إليك أبرز هذه التحديات:
فقدان السيطرة على الرسالة:
عندما تعتمد الشركة على العملاء لنشر رسالتها، قد تفقد السيطرة على كيفية تقديم المنتج أو الخدمة. قد يقوم العملاء بنقل معلومات غير دقيقة أو غير كاملة، مما قد يؤدي إلى سوء فهم أو توقعات غير واقعية. قد يبالغ أحد العملاء المتحمسين في وصف ميزات منتجاتك، مما يؤدي إلى خيبة أمل لدى المستهلكين الجدد عندما لا يحقق المنتج توقعاتهم المرتفعة.
صعوبة قياس النتائج:
قد يكون من الصعب تتبع وقياس تأثير حملات WOM بدقة، خاصة عندما تحدث المحادثات خارج الإنترنت أو عبر قنوات خاصة. فقد تلاحظ زيادة في المبيعات بعد إطلاق حملة WOM، لكنك قد تجد صعوبة في تحديد النسبة الدقيقة من هذه الزيادة التي تُعزى مباشرة إلى الحملة.
التعامل مع الآراء السلبية:
الكلام المتناثر يمكن أن يكون سلاحًا ذو حدين. فكما يمكن للعملاء نشر تجاربهم الإيجابية، يمكنهم أيضًا نشر التجارب السلبية بسرعة وعلى نطاق واسع. قد تواجه انتشارًا سريعًا لتعليق سلبي على وسائل التواصل الاجتماعي حول تجربة سيئة لأحد العملاء، مما قد يؤثر سلبًا على سمعتك.
الحفاظ على الأصالة:
يمكن أن يشعر المستهلكون بالشك تجاه الحملات التي تبدو مصطنعة أو مدفوعة الأجر. الحفاظ على الأصالة في حملات WOM يمكن أن يكون تحديًا كبيرًا.
تحفيز المشاركة المستمرة:
قد يكون من الصعب الحفاظ على حماس العملاء للمشاركة في حملات WOM على المدى الطويل، خاصة إذا لم يشعروا بفائدة مباشرة.
التنافس مع الضوضاء:
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، هناك الكثير من المحتوى والمعلومات المتنافسة على انتباه المستهلكين. قد يكون من الصعب جعل رسالتك تبرز وسط هذه الضوضاء.
الالتزام بالقوانين واللوائح:
هناك قوانين ولوائح متزايدة تتعلق بالإعلان والتسويق، خاصة فيما يتعلق بالإفصاح عن العلاقات التجارية. قد يكون من الصعب ضمان امتثال جميع المشاركين في حملة WOM لهذه القواعد. فقد تواجه شركة أزياء غرامات إذا لم يفصح المؤثرون الذين يروجون لمنتجاتها عن أنهم يتلقون منتجات مجانية أو مدفوعات.
توحيد الجهود عبر القنوات المختلفة:
قد يكون من الصعب تنسيق وتوحيد جهود WOM عبر مختلف القنوات (مثل وسائل التواصل الاجتماعي، المدونات، المراجعات عبر الإنترنت، والتفاعلات الشخصية).
لمواجهة هذه التحديات، تحتاج إلى استراتيجية شاملة ومرنة، مع التركيز على بناء علاقات حقيقية مع العملاء، وتقديم منتجات وخدمات عالية الجودة، والاستجابة السريعة للتعليقات، والحفاظ على الشفافية في جميع جهود التسويق. أو الاستعانة بشركة ميزني للتسويق الرقمي لإدارة حملاتك بفعالية ولأقصى استفادة بأقل التكاليف.
وأخيرًا، في عصر يتسم بتشبع الإعلانات وتزايد شكوك المستهلكين، يبرز التسويق بتناثر الكلام كاستراتيجية فعالة لبناء الثقة وتعزيز نمو الأعمال. من خلال تقديم تجارب استثنائية وتمكين العملاء من مشاركة قصصهم، يمكن للشركات تحويل عملائها إلى سفراء حقيقيين لعلامتها التجارية. ومع تطور التكنولوجيا وازدياد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، ستظل استراتيجية WOM أداة قوية في ترسانة التسويق لأي شركة تسعى للنجاح في السوق التنافسية اليوم. تذكر دائمًا: لا شيء يضاهي قوة توصية صادقة من صديق موثوق به.